مشروع دلتا طوكر الزراعي يقع داخل حدود محلية طوكر ما بين خطي عرض 18.18 و 18.40 شمالاً وخطي طول 37.30 و 37.55 غرباً على شكل مثلث متوازي الأضلاع رأسه عند مدخل خور بركة وقاعدته تحاذي ساحل البحر الأحمر و تتوسطه مدينة طوكر التي سمي بها هذا المشروع الذي تقدر مساحته بحوالي 406 الف فدان الصالح للزارعة منها حوالي 250 ألف فدان يتم استثمارها وزرعتها في العديد من المحاصيل النقدية مثل القطن والدخن والذرة وغيرها من محصولات الزراعية الأخرى تغطت منها لان حوالي 150 ألف فدان بأشجار المسكيت من ارض المشروع.
تروي هذه المساحات التي تقدر بحوالي 300.000 متر مكعب إلى مليار متر مكعب من فيضان خور بركة الذي ينبع من المرتفعات الإرتيرية نتيجة للأمطار ويصب في البحر الأحمر ويأتي في شكل دفعات يتراوح عددها من 20 إلى 25 دفعة في الموسم تبدأ من أواخر شهر يونيو وتستمر حتى منتصف شهر سبتمبر من كل عام كما أن الأمطار الشتوية كانت تعتبر ري تكميلي للمشروع لزراعة المحاصيل الأخرى اذا كان الخريف وفق معدلاته السابقة فيما أكد العديد من الخبراء ان تربة هذا المشروع تغطي سنويا بحوالي 10 % من الطمي مما يجعلها من افضل المشاريع الزراعية بالسودان التي ساهمت في نجاح وشهرة هذا المشروع عالميا لان إنتاجيته من الأقطان الممتازة ارتبطت ارتباطاً مباشراً مع البورصة العالمية لتجارة القطن في زمن سابق واعلم جيدا أن هذا السرد لتوضيح معلوم لدى الجميع ولكن قصدت تكراره مرة ثانية بهدف تسليط الضوء على أسباب تدهور هذا المشروع وانهيار بنيته التحتية في الآونة الأخيرة من عدة زوايا يتحاشى الكثيرون ذكرها هذه الأيام .
وقد آن الأوان لإزاحة الستار عن هذه الحقائق التي تكشف حقيقة تدهور هذا المشروع وفق ما تم رصده على عدة مراحل.
الهجرة الأولى
طوكر الذهب المسوكر
لم تأتي هذه التسمية طوكر الذهب المسوكر من فراغ بل لما تحقق من ثراء مادي لأهل طوكر من المزارعين بمشروع دلتا طوكر بسبب عائدات المحاصيل الإنتاجية العالية التي حققها المشروع وخاصة من عائدات محصول القطن (الذهب الأبيض) في الخمسينات .
هذا الثراء احدث تحولاً اقتصادياً كبيراً في تفكير المزارعين باتجاهم نحو الاستثمار والذي ارتبط بالبناء وامتلأت الأراضي بالعقارات ونشطت التجارة بمدينة سواكن أولا وميناء بورتسودان وبعدهما جبيت وسنكات وكان هذا أول مسمار يدق في نعش مشروع طوكر الزراعي لأن الزراعة تحتاج إلى سيولة مالية وصرف يومي وان هذه الأموال تم رصدها لمشاريع اقتصادية واستثمارية جديدة مما أدى إلى اهمال الأراضي وهجرها واشتكي مراقبيها للوكلاء بظهور مزارعين جدد كانوا في الأصل عمالاً ومن هنا بدأ العد التنازلي للمشروع بانشغال غالبية ملاك الأراضي من المزارعين بالحياة الجديدة والاستقرار بهذه المدن الحديثة لمراقبة أعمالهم وهذه هي حقيقة الهجرة الأولى للمشروع . فهناك شواهد وأدلة تؤكده هذه لحقائق في العقارات والمباني القائمة إلى يومنا هذا .. كما ان هناك واقعة تم رصدها والتأكد منها بأن الشريفة مريم الميرغنية وجهت الدعوة إلى أهل طوكر للبناء وتشييد المنازل بمدينة جبيت بجوار مسجدها عندما استقرت في هذه المنطقة ولبي أهل طوكر الدعوة لذا شيدوا منازلهم بجوار مسجدها وضريحها بمدنية سنكات .
الهجرة الثانية
الجفاف والتصحر
منطقة القرن الأفريقي في بداية السبعينات تعرضت لجفاف لقلة الأمطار وخاصة في دولة إثيوبيا واريتريا والسودان مما أدى إلى انخفاض ايردات خور بركة إلى ادنى مستوى بلغ ثلاثة دفعات إلى سبعة دفعات ضعيفة في منسوبها لتروي فقط ستة آلاف فدان زرعت بمحاصيل تتحمل هذا الري الضعيف وأيضا كانت عائداتها المالية بسيطة لا تفي بالتزامات الوكلاء والمزارعين المؤجرين كما لا يمكن تخزينها من طماطم وبطيخ إلخ.. كما ان التسويق لهذه الإنتاجية محدود ومرتبط بمدن الولاية فقط لعدم وجود طريق بري يربط المشروع بمدن الاستهلاك.
فجاءت الهجرة الثانية للمشروع من المزارعين المؤجرين بحثاً عن مصادر رزق أخرى ببورتسودان وسواكن..
وتجدر الإشارة هنا ان مشروع طوكر الزراعي يشكل العمود الفقري لمواطني المنطقة الجنوبية في كسب الرزق وزراعة قوتهم والاستفادة من مخلفاته للرعي الذي يشكل مصدر رزق آخر لسكان هذه المنطقة والذي تأثر أيضا بالجفاف.
الهجرة الثالثة
الألغام
المعارك العسكرية التي شهدتها المنطقة الجنوبية بين قوات الشعب المسلحة وقوات التجمع الوطني في تلك الفترة والتي جاءت عقب الهجرتين ساهمت في نزوح وهجرة المواطنين من المنطقة والتي كان لها الأثر الواضح في عدم القدرة على استثمار الأرضي الزراعية لقوت المواطنين ناهيك عن زرع محاصيل نقدية ..
هذه المعارك كان الهدف منها إخلاء المنطقة من المواطنين وفق الاستراتيجية العسكرية لأحدي دول الجوار للحد من هجمات قوات هذه المنطقة للتداخل بين القبائل في شتى هجماتها وبالمثل قوات المعارضة السودانية مما أدى إلى زرع الألغام التي عرضت حياة المواطنين في تلك المناطق للخطر وقد وضح ذلك جليا أبان التعداد السكاني لغياب العنصر البشري بهذه المناطق الجنوبية وبالتالي انعكس ذلك على الزراعة وخاصة المشروع الذي يعتمد على الأيدي العاملة بالمنطقة ومن هنا تأكدت الهجرة الثالثة مع الأخذ في الاعتبار سهولة الحياة بالمدن الجديدة وإمكانية الكسب بالعمل في الموانئ الأسواق والخدمات المتوفرة هنالك.
أشجار المسكيت
نتيجة لهذه الهجرات انتشرت أشجار المسكيت وبلغ عدد الأشجار في الفدان الواحد ستمائة شجرة جذورها تمتد إلى الأعماق وارتفاعها بلغ 4 امتار إلى 7 أمتار لها مقدرة كبيرة على التكاثر والبقاء والتكيف مع كل الظروف القاسية بالتشابك والتعايش والقضاء على كل أنواع الأشجار الأخرى مما أدى إلى أن تستولي هذه الشجرة على اخصب الأراضي الزراعية في الدلتا بسبب الهجرات الطوعية التي مكنت لانتشارها وإلحاق الأضرار الجسيمة بهذا المشروع والتي لم تكن منظوره للقائمين على امر هذا المشروع من إدارة وملاك ومزارعين.
الحيازة
طبيعة الحيازة للأراضي ساهمت في تدهور المشروع لأنها متوارثة رغم ان الحيازة بالمشروع تعني ان الأراضي ملك للمشروع ولكن عدم الخوض فيها أو تناولها ساعد بل قضى على كل امل في إصلاح هذا المشروع وأقولها (بدون مجاملة) إعادة النظر في حيازة الأراضي بمشروع طوكر الزراعي واجب تقتضيه المرحلة القادمة وفق التحديات التي تواجه السودان وولاية البحر الأحمر لان هذه الأراضي لو تم استثمارها جيدا تحقق عائداً اقتصادياً مادياً وعينياً وتكفي الإقليم الشرقي و الولاية والدول المجاورة بالتصدير لأنها سلة ولاية البحر الأحمر ويمكن من خلالها أيضا حل مشكلة البطالة واستيعاب الشباب في استثمار أراضي هذا المشروع حتى يعود إلى سيرته الأولى.
خطوات صادقة لإنقاذ المشروع
وفق ما تم سرده هناك جهود تبذل وخطوات صادقة لإنقاذ المشروع بدأت منذ 2005م واهم هذه الخطوات هي المصادقة على إزالة 100 ألف فدان من المسكيت خصما على ميزانية تنمية الولايات الشرقية بوزارة المالية الاتحادية ووزارة الزراعة والغابات الاتحادية (المشاريع الرائدة) في العام 2005 م . وقد تم تقسيم المائة ألف فدان إلى خمسة مراحل كل مرحلة تتكون من 20 الف فدان . ونوضح هنا ملخصا لذلك وبعض التعاقدات الأخرى :
1 / قامت حكومة السودان عبر لجنة تنمية الولايات الشرقية بوزارة المالية الاتحادية برصد مبلغ 17 مليار جنيه ( بالقديم ) لإزالة 20 ألف فدان موبوءة بالمسكيت من دلتا طوكر وهي المرحلة الأولى وذلك في العام 2005 م وكلف الفدان الواحد 850 ج بالحالي وهي اعلى تكلفة لإزالة أشجار المسكيت في العالم . وقد نفذت شركة سوتش السودانية ذلك بعقد وفي مدة ثلاثة أعوام ( يتوقف العمل أثناء الرياح والفيضان) وقد استخدمت طريقة الإزالة الميكانيكية بقلع الأشجار من جذورها بواسطة ألة البوكلين / الحفار . ( تم توقيع العقد بين إدارة المشاريع الرائدة (وزارة الزراعة الاتحادية) والشركة بالخرطوم ).
2/ تركزت المرحلة الأولى على تنظيف أحواض مهمة مثل توناك وفدا وادريميب وعداي وايلادباي ومكريك ومفرس وتيفاييت وغيرها . وانتهت الكمية المحددة في العقد وهي 20 ألف فدان وتبقت أحواض مذكورة في المرحلة الأولى من قبل مثل أمباركي وبحر ايرا وجزء كبير من مكريك وادريميب في مساحة تقدر ب 10 ألف فدان تقريبا كزيادة للنمو الطبيعي في الأربع سنوات التي تم فيها التوقيع والتنفيذ. وهو مؤشر خطير يدل على مدى سرعة نمو هذه الشجرة.
3/ تم التعاقد مع شركة سويتك النيل لإزالة مائة ألف فدان من أشجار المسكيت في دلتا طوكر في العام 2007 م لكن لم ينفذ العمل رغم إجراء تجربة في الدلتا بالآلة المصممة خصيصا لإزالة المسكيت بدلتا طوكر في مساحة فدانين بحوض توت اماب شمال شرق مدينة طوكر. (تم توقيع العقد بين حكومة ولاية البحر الأحمر والشركة). وقد تلاحظ ان الآلة التي استجلبتها شركة سوتك النيل تتميز بكفاءتها العالية على الإزالة وذلك بقلع الشجرة كاملة بمجموعها الجذري والخضري إلى داخل الماكينة وطحنها ورميها في شكل بودرة وتقليبها مع التربة مع إمكانية تسوية الأرض المنظفة .
4/ تم التعاقد مع شركة أو قدف لتنظيف 20 ألف فدان من باقي المرحلة الاولى ومداخل خور بركة في العام 2009 م وقد تم تنظيف 6 ألف فدان ويجري الان العمل لإكمال باقي المساحة المطلوب تنظيفها على مداخل الدلتا. (تم توقيع العقد بين إدارة المشروع والشركة).
5 / تحتوي المرحلة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على أحواض مكتظة بأشجار المسكيت وخاصة دلاوياي وشكبيب وكرتوت ونفيسة وهرجان وحماريت بجانب الجزر المنتشرة في مجرى خور بركة, وجميعها تقع في منطقة الري وانتشار مياه خور بركة انسيابيا .
6 / سيقوم الاتحاد الأوربي ممثلا في مكون المشاريع النموذجية ضمن منظومة برنامج رفع القدرات الإنتاجية في شمال السودان (برنامج تأهيل دلتا طوكر) ابتداءا من ابريل العام 2010 بتنظيف 50 الف فدان موزعة على اربع سنوات هي عمر البرنامج على ان يبدأ العمل يدويا من وسط الدلتا لتوسيع المساحات النظيفة.
7/ تقدمت شركة شنغهاي الصينية لإجراء تجربة للوقوف على انسب طريقة لإزالة المسكيت في دلتا طوكر وذلك في صيف 2009م وقد أجريت التجربة في مساحة فدانين يحوض فافيت على مقربة من طريق بورتسودان طوكر . الالة دوزر معدلة سكينته إلى أمشاط طولها المتعمق 35 سم.
لتوضيح الأهمية الاقتصادية لإنتاج الأرض الخالية من أشجار المسكيت في دلتا طوكر نأخذ الموسم 2005 / 2006 م كمثال حيث كانت المساحة المروية الصالحة للزراعة : 43 الف فدان من ضمنها 4 ألف فدان تم تنظيفها من المسكيت بواسطة شركة سوتش للخدمات الزراعية وقد كان الإنتاج الكلي والدخل الإجمالي كما يلي :
القطن : في مساحة 4.5 الف فدان × 4 قنطار للفدان × 50 الف جنيه للقنطار = 900000000 جنيه قديم
الذرة : في مساحة 21 الف فدان × 8 جوال للفدان × 80 الف جنيه للجوال = 12800000000 جنيه قديم .
الدخن : في مساحة 16 الف فدان × 5 جوال للفدان × 100 الف جنيه للجوال = 9000000000 جميه قديم .
الخضروات : في مساحة 2.5 الف × 4 طن للفدان × 250 الف جنيه = 250000000 جنيه قديم .
وكانت النتيجة دخل إجمالي وقدره واحد وعشرون مليار جنيه بالقديم تقريبا . هذا مع إهمال دخل الرسوم المتحصلة من الجهات الحكومية ذات الصلة من المحاصيل و كذلك دخل غرفة النقل والشاحنات وكذلك دخل نقل الدواب علاوة على دخل السماسرة والعاملين في أسواق الخضر والمحاصيل بطوكر وبورتسودان . كما لم يضمن قي هذه الإيرادات دخل مبيعات القصب والعلف من مخلفات الزراعة.
هذا مثال واحد لموسم زراعي ناجح مع العلم ان هناك 20 الف فدان ري غابات مسكيت وهي مياه مهدرة حيث ان المساحة المروية في ذلك العام 43 الف نظيفة + 20 الف فدان غابات مروية = 63 الف فدان.
عليه فان تنظيف دلتا طوكر من اشجار المسكيت ينبغي ان يكون من الاهداف الإستراتيجية المخططة خدمة للاقتصاد القومي . ذلك بالرغم من ارتفاع تكلفة تنظيف الفدان في دلتا طوكر اذ يقابل ذلك تدني تكاليف الانتاج الزراعي لجاهزية الدلتا للزراعة بدون اعداد او تسميد او مبيدات او مصروفات باهظة كما ان تكاليف الري الفيضي لخور بركة منخفضة جدا حيث يتم الري انسيابيا تجاه الأراضي الزراعية المستهدفة .كما ان تربة الدلتا تتميز بالنفاذية والسعة الحقلية العالية حيث تحتفظ برطوبتها لمدة عام تقريبا. وهو الشيء الذي يجعل عائدات الفدان النظيف مجزية واقتصادية رغم ارتفاع تكلفة تنظيفه .
وأن المشروع يمكن أن يساهم بشكل فعال وقوي في توفير الأمن الغذائي للولاية والإقليم بل والسودان قاطبة, كما يساهم تأهيل المشروع في محاربة الفقر, واعتبر عدد من المراقبين أن الخطوات التي اتخذت في المشروع مؤخراً هامة ومسؤولة, ولكن لابد من مواصلة العمل وتوفير التمويل من الحكومة الاتحادية للمشروعات المطروحة لصيانة الدلتا لأنها تعد الضامن الوحيد لعودة المشروع لسيرته الأولى.
و بتكملة الطريق إلى طوكر وربطها بالطريق القومي بهدف تمكين مزارعي المشروع من تصدير منتجاتهم إلى بقية مدن السودان لتسهم في فتح أسواق جديدة تحقق عائد مادي مجزي لمنتجاتهم بفك الاحتكار من أسواق الولاية المحدودة.
شاهد على العصر
اكد مدير عام مشروع دلتا طوكر الأستاذ حسن عيسى ارتيقة في إفاداته لصحيفة (الحقيقة) عبر الحوار الذي أجراه الأستاذ محمد دين محمد عثمان (كاظم) أن الاتحاد الأوربي وبالتنسيق مع حكومة الولاية والحكومة الاتحادية نفذ مشروعات لتأهيل وتطوير مشروع دلتا طوكر الزراعي بتكلفة إجمالية تقدر بأربعة مليون جنيه, ويتضمن مشروع الاتحاد الأوربي إزالة المسكيت من 10030 فداناً في الدلتا, بالإضافة إلى توفير عربة مجهزة للمشروع وصيانة مكاتب إدارة مشروع دلتا طوكر الزراعي, كما نفذ الاتحاد الأوربي 75% من خطة الري لهذا الموسم بإشراف مهندس من وزارة الري, وتكفلت بتنفيذ ما تبقى من خطط الري الحكومة الولائية, كما وفر الاتحاد الأوربي التقاوي المحسنة للموسم الزراعي المقبل بالدلتا كتقاوي الذرة والخضر والدخن, وأشار أرتيقه إلى أن الاتحاد الأوربي أعد ومول دراسة لترويض خور بركة, وهو المشروع الأهم في تاريخ الدلتا وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 400 مليون جنيه سوداني، وقال أرتيقه: ننتظر من الحكومة الاتحادية إيجاد تمويل عاجل لتنفيذ الدراسة لتحقيق الأغراض المرجوة منها في تهيئة استقرار وتطوير الإنتاج الزراعي بالدلتا, مبيناً أن إدارة المشروع أعدت خطة لإزالة المسكيت من أراضي الدلتا بواسطة شركات مختصة في هذا الجانب, وقد رفعت الشركات المعنية بتنفيذ هذا العمل تكاليف الإزالة للحكومة الاتحادية, والتي نأمل أن توفر التمويل للشركات للبدء في مشروع إزالة المسكيت بعد أن تأخر في الموسم السابق, وأوضح مدير عام مشروع دلتا طوكر الزراعي أن إدارته أدخلت قطناً من صنف حامد لزراعته في الدلتا بعد أن جربت في الموسم السابق زراعته في 500 فدان, ونستهدف في هذا الموسم زراعة هذا الصنف من القطن في 20 ألف فدان, مبيناً أن خطة الري في الدلتا تستهدف في هذا العام 78 ألف فدان, وطالب أرتيقه المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية بالعمل الجاد وبشكل صارم بنظافة الدلتا, حتى لا تتكرر تجربة تغطية المسكيت لأغلب الأراضي المروية بالدلتا, وأثنى أرتيقه على الجهود العظيمة التي بذلها والي البحر الأحمر محمد طاهر إيلا للنهوض بالمشروع بالتنسيق مع الجهات الاتحادية المختصة، وقال المزارع حسن عثمان أوهاج: إننا نأمل من حكومة الولاية والحكومة الاتحادية ومن مدير المشروع, مواصلة العمل الجاد الذي بدأوه لتأهيل وتطوير الدلتا ونرجو أن يعود مشروع دلتا طوكر الزراعي لسيرته الأولى. ورغم أن عودة أي مشروع أو مرفق خدمي ناجح لسيرته الأولى أصبحت تحتاج لمعجزة, إلا أن الأمل معقود في الإدارات القائمة على أمر المشروع لتعود به لسابق عهده, وقد خطى الاتحاد الأوربي خطوات ناجحة وملموسة لتحقيق هذا الهدف, وقد كنا نرى الوصول بالمشروع لغاية التأهيل والتطوير صعبة إن لم تكن مستحيلة, إلا أن القائمين على أمر مشروع الاتحاد الأوربي في الدلتا ووالي الولاية ومدير المشروع أعادوا الأمل إلى نفوسنا, أما المزارع محمد عثمان علي فقد قال (للحقيقة): إننا بالفعل كنا قد (قنعنا) من ظهور مبادرات عملية وجادة لتأهيل وتطوير الدلتا, وفي ذلك أقول إن تأهيل مشروع دلتا طوكر الزراعي يحتاج في المقام الأول لإرادة وعزيمة قوية, ولتوفير التمويل اللازم لتكاليف التطوير المطروحة, بالإضافة إلى مساهمة المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية في هذا المشروع بالعمل على نظافة الدلتا أول بأول, لأن التردي المريع الذي شهدته الدلتا يتحمل المزارعون وأصحاب الأراضي جزءاً كبيراً من مسؤوليته.
33 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم برنامج القدرات الإنتاجية بالولاية
في اطار برنامج استعادة القدرات الإنتاجية الممولة من الاتحاد الأوروبي بـــ 33 مليون يورو بهدف رفع القدرات في المناطق المتأثرة بالجفاف والحروب من اجل تعزيز السلام وتنمية المجتمع الريفي عبر مشاريع تتم في شمال السودان وولاية البحر الأحمر، ومن هذه المشاريع مشروع دلتا طوكر الزراعي,حيث أفادنا المهندس عمر علي عثمان مدير المشروع لبرنامج استعادة القدرات الإنتاجية قائلاً: أن هذا المشروع يتكون من شقين المكون الأول ويستهدف المشاريع النموذجية والمكون الثاني يستهدف بناء القدرات وان احد المشاريع النموذجية بالولاية هو تأهيل مشروع دلتا طوكر, والذي يهدف إلى تأهيل وإصلاح مؤسسات المشروع من النواحي الإدارية والتنفيذية والمالية والكوادر البشرية والعمل على دراسة أوضاع حيازة الأراضي وكيفية استخدام الأرض داخل المشروع وإزالة أشجار المسكيت المُعيقة لعملية استزراع أراضي الدلتا ومجاري خور بركة.
كما أن هناك برامج تعمل على تحسين الأوضاع الزراعية بالدلتا من خلال تسويق المحاصيل وتصنيع المنتجات الزراعية ورفع مهارات المزارعين بتطبيق ثقافة الحزم الزراعية وكذلك رفع مهارات المرأة الريفية.
و استطرد سيادته قائلاً: هناك برنامج هندسي يهدف إلى ترويض خور بركة يتم عبر إدارة مياه خور بركة للتحكم في فيضانات النهر لتساعد على وضع خطة للتحكم في فيضان النهر تساعد في تحسين الري على كل مساحات المشروع وان خطة إنشاء مزلقان خور بركة تعتبر واحدة من أدوات التحكم في ترويض خور بركة الذي يعاني من تعريجات متعددة تؤدي إلى وجود كثبان رميلة وجزر تعوق تدفق المياه فتؤثر تأثيراً مباشراً على القدرة في التحكم على مياه الخور مما يهدد الري على امتداد المساحات المستهدفة. لذا سيتم إنشاء هذا المزلقان الخرصاني في أعلى الخور بمنطقة دولاباي حتى نتمكن من تهدئة مياه الفيضان بحيث تنقسم المياه إلى فرع المزلقان والفرع المؤدي إلى الكبرى الحديدي. وهذا ما نهدف إليه من ترويض الخور ليحقق الهدف المنشود بتوفير مياه الري لكل مساحات المشروع. و بجانب هذا سيؤمن هذا المزلقان استعمال الطريق البري إلى محلية عقيق خلال الفيضانات. وواصل المهندس عمر حديثة قائلاً: بالنسبة للشق الثاني من المشروع الذي يسهم في بناء قدرات الكادر البشري والذي تنظمه منظمة الفاو بدعم من الاتحاد الأوروبي بتوفير كل معينات النجاح للتطبيق, يُعنى بتأهيل البنيات التحتية للمشروع من مباني و أثاثات ووسائل نقل بغرض توفير الحد الكافي من المعينات التي تمهد لنتائج افضل لمشروع دلتا طوكر. وفي ختام حديثه: ثمن دور والي الولاية و وزارة الزراعة والغابات الاتحادية ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية بالولاية في مؤازرة خطة استعادة مشروع دلتا طوكر لعافيته وفق الاستراتيجية المعلنة.
خاتمة:ـ
ما يبذل من جهد لإعمار مشروع دلتا طوكر الزراعي يرمي إلى استعادة سيرته الأولى ليعود مشروعاً رائداً قادراً على استيعاب قدرات الشباب ويلبي طموحاتهم المستقبلية أسوةً بالتجربة المصرية .. بإدخال الشباب في مجال الزراعة بعد ان وفرت لهم الدولة مقومات النجاح الأولية بتوفير الأراضي فمهما يبذل من جهد بالمنهج القديم يضيع هدراً . وهناك من يستغل ملكيته للأرض بالمشروع وفق نظام الضمن (الحيازة) الذي يحتاج إلى مراجعة والكرة الآن في ملعب الإدارة والمزارعين المستفيدين من نظام الضمن فأما العودة إلى الأرض وحرثها ورعايتها وزراعتها وأما ان تحرث الدولة وحكومة الولاية وإدارة المشروع في البحر!!!
عودة الروح لهذا المشروع تحتاج إلى رؤية صادقة من أهلها واتخاذ القرارات الحكيمة والصادقة والتضحية ونكران الذات فالبكاء على الاطلال لن يعيد المشروع إلى سيرته الأولى وطوكر الذهب المسوكر تصبح حلما .. وهنا أناشد أهل طوكر الشرفاء ان يمدوا أيديهم ويستفيدوا مما يبذل ويشاركوا في تطويرها من اجل شعب طوكر أولا وأخيرا وينحازوا إلى عملية التنمية والبناء والتغيير ومواكبة الحاضر والتفاعل مع الواقع وتجربة أهل سواكن وعودة الروح إليها ماثلة أمامنا لا تحتاج إلى اسانيد أو أدلة غير أن أهل سواكن عرفوا طريقهم واتخذوا قرارهم.
وختاما الاستجابة إلى أصحاب الأجندة الخفية يعرقل مسيرة أهل طوكر ويشوش عليهم تفكيرهم في اتخاذ القرار السليم فمتى يكون الحسم بلفظ هذه الأجسام الغريبة التي تعيق مسيرة التنمية بمحاولتها البائسة واليائسة باستغلال أهل جنوب الولاية بصفة عامة في معارك محكوم عليها بالفشل لأن عطاء حكومة الولاية ستكشف عنه الأيام القادمة . والله الموفق.